منهاج البحث النحوي قديماً وحديثاً

عبدالله عبدالرحمن أسعد السعدي

Abstract


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الناطقين، وعلى آله وأصحابه أهل العربية واليقين. إن البحث في سبل تقويم لسان العربية واجب على الإنسان الغيور على دينه وأمته، ذلك أن العربية لم تعد لغة يعبر بها كل قوم عن أغراضهم فحسب، بل غدت تمثل حياة أمة هي خير أمة أخرجت للناس، ويتأكد على العربي المسلم أن ينهض بمسؤولياته لمواجهة التحديات التي تمر بها الأمة تجاه اللسان العربي، وكتاب رب العالمين.

إن هذا البحث يهدف إلى بيان أهمية منهاج المباحث النحوية قديما وحديثا، وكتب النحو كانت تمثل المنهاج للدراسة والتطبيق، وقدم الباحثون حلولا لمشكلة ضعف العربية، فكتبت الأبحاث وعقدت المؤتمرات والندوات للغرض نفسه، ولا بد من تقدير كل جهد مبذول في هذا الميدان بإخلاص ونية صافية من أجل الحفاظ على هذه اللغة الشريفة، ومن الواجب أن ننصف الأجيال السابقة التي نهضت بأمر العربية، فكانت نتائج نهضتهم إقامة منظومة متكاملة من طرائق تدريس العربية وأساليبها ومناهجها بكل أصنافها، وإن المشكلة التي تواجه العربية في عصرنا الحاضر هي المشكلة نفسها التي ظهرت في القرون الأولى من العصر الإسلامي فتصدا لها العلماء من كل الشعوب، حين شعروا بالخطر الداهم على الأمة ولسانها حتى وصلوا إلى هدفهم عن طريق تقعيد القواعد والأسس التي بني عليها النطق العربي. وللأسباب نفسها يجب أن ينهض أهل العلم بوضع الحلول المناسبة لهذه المشكلة، وهنا يطرح السؤال المحوري المهم، ما السبيل إلى التعرف على أهمية العربية، وما المطلوب للمحافظة على سلامتها؟

وجواب ذلك واضح وهو أن العربية اكتسبت الأهمية من عوامل كثيرة من أهمها كونها لسان القرآن وهو سبب مهم يدعو إلى التمسك بها والمحافظة على سلامتها. وإذا كانت اللغات عامة أداة تواصل فإن العربية قد تجاوزت هذا الهدف المحدود؛ لأنها أضحت جسما ناميا ينبض بالحيوية والحركة لتهذيب الإنسانية، والحياة السعيدة والرشاد في الدنيا و الآخرة، وقال ابن تيمية: (إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، وصارت معرفته من الدين، وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله، وأقرب إلى إقامة شعائر الدين، وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم)[1]

ومن هنا يجب التعرف على منهج القدامى لنحيي منهجا كاد أن ينطمس أثره بموجات التحديث والحداثة والتطوير الذي قد ينقلب إلى تدمير، فلا بد من إعادة النظر في كل ما يفد إلينا،

ومهما عمل المحدثون المعاصرون فلا يمكنهم أن يتناسوا فضل سلف الأمة في هذا الميدان، إذ هناك من سبقهم من الأوائل حين رسموا مناهج دقيقة لغور هذا الكنز العظيم، ونهضوا في سبيل تقويم الألسن التي زلت عن فصاحتها وبلاغتها، والعمل على تلقينها للناطقين بغيرها

[1]-  الفتاوى، ابن تيمية: 1/33 اقتضاء الصراط المستقيم: 1/450 


Full Text:

PDF

Refbacks

  • There are currently no refbacks.

Comments on this article

View all comments